حملة معاك

محمد أبو الخير يكتب : حكايتي مع كورونا ( 2 ) عن تجربة العزل

في الحلقة السابقة تحدثت عن استهانتي بالإجراءات الاحترازية حتى وقع المحظور و أصبت بالفيروس ، في هذه الحلقة نستعرض سويا تجربة العزل ، علها تكون دافعا لزملائي حتى لا يستهينوا بالإجراءات الاحترازية مثلما فعلت .
تجربة العزل المنزلي .. درس لا تمحوه الأيام
” سأتبع التعليمات الاحترازية لأحافظ على غيري ، وسألتزم بالإجراءات الطبية التي حددتها وزارة الصحة المصرية لأعالج نفسي ” …
في الطريق إلى منزلي جلدت نفسي على إيذائي لها، وفكرت أولا في كيفية مراعاة من هم بقربي حتى لا أنقل إليهم العدوى، أسرتي هي التي أراها أمامي الآن، هاتفتهم جميعا وأخبرتهم بالخبر الصادم ، كانت صدمة وإن توقعوا حدوثها بسبب استهانتي ، غير آملين أن تحدث ولكنها حدثت ، وعلى الرغم من محاولات فاشلة من جانبي للتماسك إلا أن القلق الواضح من صوت والدتي كان أشد من تماسكي فهي المعرضة الأولى للإصابة “الشديدة” بالفيروس، فكنت أعلم أن –
” أشد المتضررين من خطورة الفيروس هم كبار السن لو انتقلت إليهم العدوى وخاصة من يعاني من أمراض مناعية ”
وزوجتي لما هاتفتها أكدت عليها ما أخبرني به الطبيب وبعثت إليها روشتة العلاج كي تُحضرها ، كانت تريد أن تلومني ولكن كان الظرف لا يتحمل أكثر مما أنا به .
وعن إبنتي ـ الاثنان ـ سألتُهما هل هناك أعراض مثل فقدان حاسة الشم والتذوق أو حمى أو سعال عند أحد منهم ، فحمدت الله أنهم لم يُصابوا جميعا بالفيروس ، محذرا إياها بالمتابعة الدقيقة لها ولأمي وبناتي تحسبا لأي عرض ممكن ظهوره في الأيام القادمة …
هاتفت الإدارة الطيية بشركتي ، فطالبوني بالالتزام والهدوء والمتابعة الطبية واليومية الدقيقة معهم ، وفرض الالتزام بالعزل المنزلي وإتباع البروتوكول العلاجي الخاص بوزارة الصحة …
وصلت إلى المنزل في حالة نفسية سيئة، لم أمر بها من قبل ، بالطبع وجهي مغطى بكمامة منذ اللحظة الأولى ، من قبل أن أدخل إلى عيادة الطبيب وارتديت “جوانتي” طبي بيدي منذ لحظة خروجي من عِنده .
الوضع الآن يمثل إتجاهين لا ثالث لهما ، إما النجاة وإما الهلاك ، أصبح أحدهما على الهاوية … !
هناك لحظات في هذه الحياة لا تُنسى مهما حيا الإنسان ، منها تلك اللحظات القليلة التي وقفت فيها أمام باب منزلي ، كنت اشعر بقلق وتوتر وسرعة بضربات بالقلب ، وكنت أجاهد نفسي لكي أتماسك .
وأدعو الله في سري كنت أرجو وأسأل وأستغيث ،
توكلت على ربي ودخلت إلى غرفة عزلي التي حضرتها زوجتي قبل أن أصل ،
دخلت غرفة العزل والوحدة مساء الاثنين ٤ مايو 2020 ، أتذكر اليوم بالساعة جيدا ، وجدت الغرفة تحوي أدوات نظافة وتهوية ، ووجدت الدواء على مكتبي وكان عبارة عن مجموعة كبيرة من الفيتامينات وأدوية للسعال وخافض للحرارة ومضاد حيوي وبعض أدوية للمعدة وكلها تتبع للبروتوكول العلاجي .
من الواضح أن في الدقائق التي مضت قد تغير الوضع بالمنزل ، سكون تام ، حتى صغيرتي صاحبة الإزعاج الشديد “المُمتع” لم أسمع لها صوتا ، كنت مثل تائه ، دقائق ألوم فيها نفسي وأجلدها ، ودقائق أفكر فيها في مصيري والكارثة التي حلت بي …!
لا أنُكر خوفي ، فكيف لا أشعُر بالخوف وجسدي يحمل فيروس قاتل سُمي بالجائحة “القاتلة” من كثرة انتشاره وتسبُبه في حالة من الذعر والرعب لدى شعوب العالم ، خوفي لم يكن على نفسي فقط بل على أسرتي التي تعيش معي في المنزل في هذا الموقف الصعب ، فهل تمر هذه الأيام الصعبة دون أن أرى أحدا من أسرتي مصابا ؟
بدأت في العلاج سريعا فبدأت بالفيتامينات المقوية لجهاز المناعة والذي قدره أن يتحمل معي المصاعب ،
الليلة الأولى كانت الأصعب من الجانب النفسي ، فرائحة الموت وإحساسي باقترابه قد شعرت مسيطرة على أفكاري ، والأصعب هو الوضع الجديد فأصبح بيني وبين من هم عندي “أغلى من نفسي” أشبه بسداً عملاقاً صعب الاختراق ، وما السد العملاق إلا باب غرفتي . و ليس أصعب على الأب من أن يفصل بينه و بين أبنائه جدار عازل يحرمك من احتضان أبنائك .. يعرفون أن أبيهم في هذه الغرفة و لا يستطيعون رؤيته أو الاقتراب منه ، كان درسا قاسيا من دروس الحياة.
إلى أن نلتقي بالمعاناة الحقيقية في الحلقة القادمة “الأخيرة” أسأل الله أن يحفظكم ويحفظ البشرية ، فما ستقرؤونه في القادم سيُغير تفكير ونظرية عقول تستهين بالأمر مثلما كنت أستهين .

#معاك .. حتى تمر الجائحة
#معاك .. حملة بتروتريد التوعوية للحد من انتشار فيروس كورونا

حملة معاك
حملة معاك
تابعنا على جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى